الدكتور قيس البلبيسي

استشاري أمراض القلب و الشرايين و القسطرة التداخلية 

السؤال الصعب؟ زراعة الشريان التاجي (إحدى عمليات القلب المفتوح) أم التدخلات التاجية الوعائية المتعددة (الشبكات التاجية المتعددة): دليل مبسط

عندما يتعلق الأمر بصحتنا، نكون دائمًا حذرين. وان كان الأمر يتعلق بصحة القلب، فإن أجراس الهلع تقرع وينتابنا القلق بشكل كبير. ولكننا للأسف، نواجه في كثير من الأحيان هذه الظروف والأسئلة الصعبة.  من أصعب وأحرج الأسئلة التي قد نواجهها هو الطريقة المثلى لعلاج الشرايين القلبية المسدودة بشكل شديد.

هناك العديد من الطرق التي يمكن بها للأطباء مساعدة المرضى الذين يعانون من انسداد الشرايين التاجية – الأوعية الدموية التي تغذي عضلة القلب. طريقتان من أكثر العلاجات شيوعًا لهؤلاء المرضى هما زراعة الشريان التاجي والتدخلات التاجية الوعائية المتعددة. إذا سمعت بهذه المصطلحات وتساءلت عن الفروق بينها وأيهما قد يكون الأنسب لك أو لشخص تعرفه، فأتمنى أن يشيد هذا المقال بعض الضوء لك على هذا الموضوع.

لنبدأ أولاً بفهم المشكلة. يحتاج قلبنا إلى إمداد مستمر من الدم ليعمل بكفاءة. ولكن في بعض الأحيان، تصبح الشرايين ضيقة أو مسدودة بسبب تراكم المواد الدهنية، المعروف باسم تصلب الشرايين. وهذا قد يقلل من تدفق الدم إلى عضلة القلب، مما يؤدي إلى ألم في الصدر أو ضيق في التنفس أو حتى نوبة قلبية. العلاج الشائع لمثل هذه الحالة يتضمن الأدوية وإعادة تدفق الدم لتحسين إمداد القلب بالدم. وهنا تأتي الحيرة، فهناك طريقتان لإعادة تدفق الدم.

أولاً، هناك زراعة الشريان التاجي. هذه إحدى عمليات جراحة القلب المفتوح حيث يأخذ الجراح قطعة من وعاء دموي من جزء آخر من جسدك (مثل الساق أو الصدر) ويربطه، أو “يزرعه”، على الشريان المسدود. وهذا يخلق مسارًا جديدًا لتدفق الدم، متجاوزًا الانسداد.  أما الطريقة الأخرى فهي عبر التدخلات التاجية الوعائية المتعددة. وهذا معروف أيضًا باسم التوسيع الوعائي، حيث يتم إدخال أنبوب رفيع (القسطرة) من خلال وعاء الدم، عادة من الرسغ أو الفخذ إلى الشريان التاجي المسدود. ثم يتم نفخ بالون صغير في نهاية الأنبوب لفتح الشريان. وغالبًا ما يترك دعامة (أنبوب شبكي معدني صغير) خلفها للحفاظ على فتح الشريان.

الآن، لنطرح السؤال الذي يساوي المليون دينار، أيهما أفضل زراعة الشريان التاجي أم التدخل التاجي. بكل صراحة، كل شيء يعتمد على الحالة السريرية للمريض، ورغبته، وحالته المرضية. فزراعة الشريان التاجي هي الأنسب للمرضى الذين لديهم عدة شرايين مسدودة أو انسدادات صعبة الوصول أو العلاج. كما أن مرضى الذين يعانون من مرض السكري أو اعتلال عضلة القلب يحصلون على نتائج أفضل على المدى الطويل مع زراعة الشريان التاجي. ولكن، زراعة الشريان التاجي هي جراحة كبرى. لذلك فإن فترة النقاهة تستغرق وقتًا أطول من التدخل التاجي. قد تقضي أسبوعًا في المستشفى وعدة أسابيع إلى أشهر للشفاء الكامل.

ومن الناحية الأخرى، فإن التدخلات التاجية الوعائية المتعددة أكثر ملاءمة للمرضى الذين لديهم انسدادات أقل والتي يسهل الوصول إليها وعلاجها أو للمرضى الذين لا يمكن إجراء جراحة القلب المفتوح لهم بسبب مخاوف صحية أخرى. وبالإضافة إلى أنه فترة النقاهة من التدخل التاجي عادةً ما تكون أسرع من زراعة الشريان التاجي. معظم الناس يقضون ليلة واحدة فقط في المستشفى ويمكنهم العودة إلى الأنشطة الطبيعية في غضون أسبوع.

رائع، إذًا كيف يمكننا اتخاذ قرار بهذه الصعوبة؟ أعتقد أن أهم نقطة هو أن يتحاور المريض بصراحة وشفافية مع أخصائي القلب. في هذه المناقشة، يتم وزن فوائد ومخاطر كل خيار من خيارات العلاج في ضوء ظروف المريض الفريدة. في بعض السيناريوهات المعقدة، قد يحتاج الوضع لنقاش طبي علمي في إطار فريق قلب متكامل يشمل الأخصائي المعالج وأخصائي قلب في التداخلات الوعائية وجراح قلب للتقييم ومناقشة الحل الأنسب للمريض دون الوقوع في سلبيات الآراء المتضاربة التي غالبا ما تحدث عند الاستشارات المتعددة التي تحدث عند أخذ أكثر من رأي من غير التنسيق أو الحصول على الصورة الكاملة.

في نهاية الأمر، زراعة الشريان التاجي والتدخل التاجي هما علاجان فعالان للشرايين التاجية المسدودة. على الرغم من أن زراعة الشريان التاجي هي إجراء أكثر توغلاً مع فترة نقاهة أطول، فإنها تقدم نتاجًا أفضل على المدى الطويل لبعض المرضى. أما من ناحية أخرى، فالتدخل التاجي أقل توغلاً مع فترة نقاهة أسرع، ولكن قد لا تكون الحل المناسب للانسدادات المعقدة. على أية حال، لا يوجد بديل عن المناقشة والاستشارة الصريحة مع أخصائي القلب لتحديد النهج الأفضل.

error
fb-share-icon
نحب أن نسمع منك

مجلة صحة الأردن

مستشارك الطبي أينما كنت 
مجلة طبية متخصصة في نشر المقالات الطبية المفيدة لصحتكم ولقاءات الحصرية مع أفضل أطباء الأردن

تابعونا على السوشال ميديا