الدكتور خليل أبو زناد

أخصائي أمراض نفسية وعصبية وتخطيط دماغ

المخاوف المرضية Illness Anxiety Disorder (Diseases Phobia)

أرغب في هذا المقال أن أبيّّن للإخوة القُُراء بعض العوارض التي يشكو فيها المريض
الذي تم تشخيص حالته بأنه يعاني من مخاوف مرضية، فما القصد بمصطلح مخاوف
مرضية.
تُُعني أن شخصًًا ما يشكو من أي عرضٍٍ جسدي مثل الصداع ، تسارع دقات القلب، آلام في
العضلات، آلام في المعدة، وأن هذه العوارض حدثت له بعد أن تعرض لمشاكل نفسية
كالصدام مع الأسرة، الصدام في العمل ، مشاكل في الدراسة، مشاكل مع الأصدقاء أو
مخاسر مالية. لماذا يذهب هذا الشخص إلى الطبيب العام؛ لأن الآلام متكررة، تذهب
وتعود وكلما تعرض لضغطٍٍ نفسيٍٍ كلما عادت هذه الأعراض.
وبسبب تكرار هذه الشكوى الجسدية الناتجة عن ظروف اجتماعية يذهب الشخص
إلى طبيب الجهاز الهضمي أو طبيب القلب أو طبيب الأعصاب . ويتفاجئ المريض بأن
الطبيب يطمئنه أنه لا يوجد شيء عنده ، وبما أن الشكوى مُُستمرة بسبب أن العوارض
لم تذهب، يراجع طبيب آخر والذي يطلب منه عمل تحاليل أخرى وكلها تُُثبت عدم
وجود سبب لهذا الألم ، لكن المريض يستمر بمراجعة الأطباء ويتكبد مخاسر كثيرة.
إن مرض المخاوف المرضية مُُنتشر بشكل كبير ، وهو معروف للأطباء النفسانيين
بشكل جيد، ومن معالم هذا المرض كما ذكرنا سابقًًا، تكرار العوارض الجسدية كآلام
في العضلات، الدوخة، وتسارع دقات القلب ، الضيق في التنفس ، اضطراب في النوم،
ضعف في التركيز ، سرعة الانفعال والشعور بالاكتئاب، ومن صفات هذا المرض أيضًًا أن
كثير من المرضى تمر عليهم أيامًًا عديدة لا يشعرون بشيء.
القلق النفسي كما ذكرنا سابقًًا يظهر على شكل آلام. هذا المقال مهم لكثير من الناس
لكون أعداد كبيرة من المرضى يراجعون الطبيب العام ويشكون من عوارض جسدية
وهي في الحقيقة ذات منشأ نفسي، أي أنهم يعانون من مرض المخاوف المرضية.
وزيادة في الإيضاح؛ كثير من المرضى وعندما يكون جالس يتحدث مع أصدقاؤه يذكرون
له أن فلان من الناس قد توفي وكان يشكو من آلام في الصدر، فيجد المريض نفسه
يشكو في نفس اليوم من آلام في الصدر. ومريض آخر أُُخبر أن جاره يعاني من سرطان
والعوارض التي يشكو منها آلام في المعدة فيشك المريض بأنه ربما يعاني من
سرطان، ويبدأ رحلة جديدة في البحث عن العلاج والتشخيص. من هنا أصبح واضحًًا أن
عدم مراجعة الطبيب النفسي تسبب معاناة نفسية وخسارة مالية طويلة الأمد؛ لأن
هذا المرض إذا لم يُُعالج يستمر مُُدة طويلة، وعند تناول العلاج فإن المريض يشفى
بشكل سريع، أكتب هذا المقال لأخفف عن المريض معاناة الاستمرار في البحث عن
التشخيص وعلاج هذا المرض النفسي الذي يظهر وكأنه مرض عضوي، أي أن العوارض
الجسدية لا يوجد لها أي اثبات عضوي بدليل أن الفحوصات سلبية، وأن المرض له فترة
طويلة ، ومتكرر أي يذهب ويعود ، ودليل آخر أن هذا المرض يأتي بعد صدمة نفسية أو
مالية . المريض هُُنا يرفض بأن المشاكل الاجتماعية تؤدي إلى أوجاع جسدية.
لذلك نعود ونلفت النظر أن مرض المخاوف المرضية يأتي على شكل آلام جسدية
ولكن السؤال لماذا لا يذهب المريض إلى الطبيب النفسي، الجواب لأنه يشكو من
آلام جسدية، وفكرة الناس عن المرض النفسي فكرة مختلفة؛ أي شخص يُُعاني من
آلام جسدية فكيف يُُعاني من حالة نفسية وأيضا يعاني من حالة جسدية، السبب
في أن الحالة النفسية تجعل الأعصاب تتوتر وتتشنج، وهذا يُُعطي عوارض جسدية
في المعدة، الصدر أو القولون. نؤكد ونكرر أن فكرة الناس عن الطب النفسي خاطئة؛
فهم يعتقدون الطبيب النفسي “طبيب مجانين”. إن 80 % ممن يراجعون الطبيب
النفسي يشكون من آلام جسدية، اضطراب في النوم، حزن، فقدان شهية ونزول في
الوزن، كسل وإرهاق، كل هذه العوارض موجودة عند مُُعظم المرضى النفسيين الذين
يراجعون الطبيب النفسي.

error
fb-share-icon
نحب أن نسمع منك

مجلة صحة الأردن

مستشارك الطبي أينما كنت 
مجلة طبية متخصصة في نشر المقالات الطبية المفيدة لصحتكم ولقاءات الحصرية مع أفضل أطباء الأردن

تابعونا على السوشال ميديا