الدكتور ياسر فارس خليل

اختصاصي معالجة النطق واللغة

اضطرابات النطق واللغة

تعد اضطرابات النطق واللغة من أكثر الاضطرابات التي تثير الحيرة في نفوس الناس
وخصوصاً عندما لا تكون مصحوبة بإعاقة ما، وذلك لقلة المعلومات المنتشرة في
المجتمع حول أسبابها وطرق علاجها، وتندرج اضطرابات النطق واللغة في الأوساط
الأكاديمية تحت مظلة التواصل.
وقد أنعم الله عز وجل على جميع مخلوقاته بنعمة التواصل، ولأن الإنسان كائن
اجتماعي فهو لا يستطيع الاستغناء عن التواصل مع أفراد مجتمعه، وقد بدأ الإنسان
التواصل مذ وجد على هذه البسيطة من خلال الرسومات، والإشارات، والرقصات،
والأصوات، والعديد من الوسائل الأخرى التي تعلوها وسائل التواصل اللفظي ) الكلام
أو اللغة اللفظية (، ويستخدم البشر اللغة لتبادل المعلومات والأفكار والمعارف
والمشاعر وغيرها .
ويتم اكتساب هذه اللغة بشكل تلقائي خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الإنسان
فإن تأخر الطفل في اكتساب اللغة عن المتوقع ممن هم في جيله فيجب مراجعة
اختصاصي معالجة النطق لمعرفة السبب وعلاجه إن أمكن بأسرع وقت ممكن، وهناك
معايير كثيرة يضعها اختصاصي معالجة النطق نصب عينه لتقييم الوضع اللغوي
للطفل.
وتظهر اضطرابات النطق واللغة عند الأطفال عادة بسبب صعوبة في اكتسابهم
للغة، فبعض هؤلاء الأطفال لا يتكلمون على الإطلاق، وبعضهم يتأخرون عن أقرانهم
في مراحل اكتساب اللغة، فما يكتسبه أقرانهم – مثلاًً – في عمر السنتين تجدهم
يكتسبونه في عمر 3 أو 4 سنوات وهكذا، ويمكن أن يظهر التأخر اللغوي لدى الأطفال
في جميع الأعمار، فمنهم من يتأخر في المناغاة أو البأبأة، ومنهم من يتأخر في إنتاج
الكلمة الأولى، وآخرون يتأخرون في تكوين الجمل وهكذا، وكلما تقدم الطفل في العمر
كلما أصبح الاضطراب اللغوي أكثر وضوحاً.
ومن الجدير بالذكر أن كثيرا من الأطفال ذوي الاضطرابات النطقية أو اللغوية لا يعانون
من أمراض صحية أو جسمية أو إعاقات واضحة، فمعظمهم يتمتعون بصحة جيدة
وذكاء طبيعي، ولا يعانون من أية مشاكل من النواحي الفسيولوجية، وهذا ما يدعو
معظم الأطباء لتقديم النصح لأهالي هؤلاء الأطفال بالصبر، وذلك لثقتهم بأن هؤلاء
الأطفال سيتمكنون من تجاوز هذه المشكلة دون تدخل علاجي، وللأسف، لا تفيد
هذه النصيحة في كثير من هذه الحالات، كما أن تأخر اللغة قد يكون مصاحبا لأمراض
وإعاقات أخرى منها الواضح كالشلل الدماغي، والإعاقة السمعية، ومنها ما يحتاج إلى
خطوات تشخيص أكثر دقة كالتخلف العقلي، والتوحد .
ويعد السمع من أهم أعمدة التواصل البشري، فهو مهم جداً لاكتساب اللغة أولا، ومن
ثم فهو مهم في عملية استقبال الرسائل اللغوية من الآخرين للرد عليها، وكذلك لا
غنى عنه في عملية التغذية الراجعة، والتي يستطيع المتحدث من خلالها أن يحكم
على صحة الرسائل الصوتية التي ينتجها أثناء عملية التواصل.
ويذكر الباحثون أسبابا كثيرة لاضطرابات التواصل، فمنهم من يعزوها لأسباب وراثية
وجينية، ومنهم من يعزوها لأسباب بيئية، وهناك من يربطها بالأسباب الاجتماعية،
وعليه فإن تنوع هذه الآراء والأسباب المتوقعة يجعل على اختصاصي معالجة النطق
مهمة تشخيص المشكلة، والتعرف على أسبابها المحتملة – إن أمكن – كي يتمكن من
وضع الخطة المناسبة لكل حالة بذاتها.
ولا تعتبر عملية تقييم وتشخيص اضطرابات النطق واللغة سهلة، وذلك لتداخل
الأعراض والأسباب، فقد يأتي طفلان إلى عيادة النطق ويظهر من الانطباع الأولي
أنهما يعانيان من اضطراب متشابه في النطق، إلا أن عملية التقييم الدقيقة قد تدل
على أن السبب في الاضطراب لدى أحدهما هو سبب بيولوجي عصبي، في حين أن
السبب لدى الآخر لا يتعدى كونه سبباً وظيفياً، وبالتالي فإن الخطة العلاجية لكل طفل
منهما ستختلف بالضرورة عن الآخر، وعلى الرغم من فقر مجتمعاتنا العربية بأدوات
التشخيص المعيارية المقننة في مجال اضطرابات النطق واللغة ؛ إلا أن اختصاصي
معالجة النطق يستطيع – من خلال أدواته الخاصة وعلمه بهذا المجال إضافة لخبراته
العملية – أن يؤدي هذه الوظيفة بشكل يقوده إلى إعداد الخطط العلاجية المناسبة
لكل حالة على حدة

error
fb-share-icon
نحب أن نسمع منك

مجلة صحة الأردن

مستشارك الطبي أينما كنت 
مجلة طبية متخصصة في نشر المقالات الطبية المفيدة لصحتكم ولقاءات الحصرية مع أفضل أطباء الأردن

تابعونا على السوشال ميديا