عمان – صحة الأردن: حوار دارين اللويسي ورؤى الزعبي
في عالم الطب الذي لا يعرف التباطؤ، وفي ميدان يموج بالتحديات والتطورات،
يسطع نجمٌٌ أردنيّّ يُُعد من القامات المشرّّفة على مستوى الإقليم والعالم
العربي، بل أصبح اسماً يُُتداول بفخر في مجال الطب الإنجابي والنسائي.
هو الدكتور منقذ الرواشدة، الاستشاري الذي جمع بين الخبرة العميقة والرؤية
المستقبلية، وبين العِِلم المتين والشغف الإنساني، ليكون من رواد علاج العقم
وأطفال الأنابيب في الأردن والمنطقة.
الدكتور الرواشدة استشاري عقم وأطفال أنابيب والجراحة النسائية التنظيرية، وقد
حقق خلال أكثر من 25 عاماً من العمل والتفاني، إنجازات طبية وإنسانية جعلت من
اسمه مرادفاً للأمل، خاصة لأولئك الذين يحلمون بالأبوة والأمومة.
ومن النادر أن نلتقي طبيباً بدأ مسيرته بهذا العطاء وهو في ريعان شبابه، وتمكّّن من
أن يؤسس مركزاً يُُعد اليوم مرجعاً طبياً متقدماً في مجاله.
“الأردن رائدة في علاج العقم: نسب حمل عالمية وتقنيات
حديثة”
دكتور منقذ، مسيرتكم الطبية امتدت لأكثر من 25 عاماً من النجاح والتميز،
وبدأتم بممارسة المهنة في سن مبكر. ما السر وراء هذا النجاح اللافت؟ وما
أبرز محطاتكم في هذه الرحلة؟
بدأت مسيرتي المهنية في مستشفى الجامعة الأردنية، ومنها انطلقت إلى العمل
في القطاع الخاص، حيث خضت تجارب متعددة في هذا المجال. فقد ساهمت في
تأسيس مراكز لأطفال الأنابيب في عدة دول، من بينها العراق وليبيا، قبل أن أؤسس
“مركز الإخصاب الخاص” في مستشفى الاستقلال.
كل محطة من هذه المحطات تطلّّبت وقتًًا وجهدًًا كبيرين لبناء سمعة طبية مرموقة وضمان
انتشار المركز. ويعود النجاح اللافت الذي حققته تلك المراكز – بفضل الله – إلى نسب الحمل
المرتفعة، وهو ما يعتمد على التشخيص الدقيق للحالات، ووصف العلاج المناسب، إضافة
إلى المتابعة المستمرة لأحدث ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا في هذا المجال.
ما هي أبرز الطرق المتاحة اليوم للمساعدة على الإنجاب؟ وكيف تختلف
باختلاف الحالات الطبية؟
تعتمد خطة العلاج في حالات العقم على تحديد السبب بدقة، إذ تُُعزى قرابة 40 %
من الحالات إلى أسباب تتعلق بالرجال، و 40 % إلى السيدات، فيما تكون 20 % من الحالات
نتيجة عوامل مشتركة بين الطرفين. لذا، فإن التشخيص السليم يُُعد الخطوة الأهم
التي تحدد الإجراء العلاجي التالي وتزيد من فرص تحقيق أفضل النتائج.
من أبرز الوسائل العلاجية المتوفرة حاليًًا: عمليات الحقن الرحمي، وعمليات أطفال
الأنابيب، والتي تتطلب بدورها فحوصات دقيقة، مثل الفحوصات الوراثية، والتنظير
الرحمي، إلى جانب مجموعة من التحاليل الضرورية قبل بدء العلاج وأثناءه.
حدثنا عن أحدث التقنيات والأساليب التي يعتمدها مركزكم في علاج العقم
والإخصاب المساعد. ما الذي يميزها عن غيرها؟
تُُعد “وحدة الاستقلال للإخصاب والوراثة” واحدة من أوائل المراكز المتخصصة في
الأردن، وأكثرها شهرة، بفضل مسيرتها الطويلة والحافلة بالنجاحات، وتعاملها مع عدد
كبير من الحالات المتنوعة.
بالنسبة للمرأة العزباء المصابة بالسرطان، ما هي إمكانية تجميد أنسجة
المبيض؟ وما أهميته في الحفاظ على فرصة الإنجاب مستقبلاًً؟
أنصح جميع الفتيات غير المتزوجات ممن هنّّ في سن الإنجاب، وخاصة اللواتي قد
يضطررن للخضوع لعلاج إشعاعي أو كيميائي بسبب الإصابة بالسرطان، باتخاذ خطوات
لحفظ الخصوبة قبل بدء العلاج.
“نمط الحياة الصحي .. مفتاح الإنجاب والتغلب على ضغوط
الحمل”
وتتضمن هذه الإجراءات خيارين أساسيين: الأول هو تجميد البويضات، والثاني تجميد
نسيج المبيض، أو اللجوء إلى كلا الخيارين معًًا لضمان أفضل فرصة مستقبلية للإنجاب.
إذ من المعروف أن العلاجات الكيميائية والإشعاعية تؤثر بشكل كبير على عدد
البويضات وجودتها، مما يقلل فرص الحمل لاحقًًا. لذلك، يتم تجميد نسيج المبيض
قبل العلاج، ليُُعاد زرعه لاحقًًا بعد الشفاء، وتُُعد هذه الطريقة مثبتة علميًًا ومعتمدة
في مختلف دول العالم كأحد أهم الحلول الطبية للحفاظ على الخصوبة.
ما هي الطرق الطبية المستخدمة حالياً لتجميد الحيوانات المنوية للرجال؟
ولمن تُُنصح هذه الإجراءات؟
يتوجب على كل رجل مقبل على الخضوع للعلاج الكيميائي أو العلاج باليود المشع أن
يفكر جديًًا في تجميد الحيوانات المنوية، نظرًًا لتأثير هذه العلاجات السلبي المحتمل
على الخصوبة، وقدرتها على تقليل أو إتلاف الحيوانات المنوية بشكل دائم.
كما يُُنصح الرجال الذين يعانون من قلة عدد الحيوانات المنوية باتخاذ خطوة التجميد
قبل أن تنخفض النسبة إلى مستويات متدنية أو تنعدم تمامًًا.
وينطبق الأمر ذاته على الحالات التي تستدعي إجراء عمليات جراحية على الخصية،
لأي سبب كان، بما في ذلك عمليات الدوالي، حيث يُُوصى بتجميد الحيوانات المنوية
كإجراء احتياطي يحافظ على فرص الإنجاب المستقبلية.
كيف تُُجرى عملية تجميد البويضات؟ وهل تختلف الإجراءات للنساء المتأخرات
عن الزواج أو المصابات بالسرطان؟
لا يختلف العلاج من حيث المبدأ، لكن البروتوكول العلاجي لتحفيز المبيض على إنتاج
عدد من البويضات يختلف من حالة لأخرى، فمريضة السرطان تخضع لخطة تختلف
عن تلك التي تُُطبّّق على مريضة تأخرت عن الزواج، وذلك حسب حالتها الصحية ونوع
العلاج الذي ستخضع له.
أما إجراء سحب البويضات فهو يتم بالطريقة ذاتها في جميع الحالات، حيث تُُسحب
عن طريق إبرة موجهة عبر جدار البطن، وهو إجراء بسيط وآمن ولا يصاحبه مضاعفات
تُُذكر.
“المنظار الرحمي .. علاج سريع وآمن للأورام الليفية
والتصاقات الرحم”
من العمليات المتقدمة التي تُُجرى في مجال الجراحة النسائية: استئصال
التليفات عن طريق المنظار الرحمي. ما هي إيجابيات هذه التقنية، وهل
هناك حالات محددة تناسبها أكثر من غيرها؟ وهل لها آثار جانبية أو تحديات
معينة؟
يُُستخدم المنظار الرحمي بشكل واسع في علاج عدة حالات، منها الأورام الليفية،
والحواجز الرحمية، والسلائل داخل تجويف الرحم، بالإضافة إلى التصاقات الرحمية.
وفيما يخص الأورام الليفية تحديدًًا، يُُعتبر المنظار الرحمي الطريقة المثلى، خاصة إذا
كان حجم الليف أقل من 4 سم، إذ يتيح للمريضة مغادرة المستشفى في نفس اليوم
دون الحاجة لفتح عنق الرحم أو إجراء شق جراحي في البطن، كما تستغرق العملية
حوالي عشر دقائق فقط. وفي حالة الليف الأكبر من 4 سم، قد تحتاج المريضة إلى
جلستين لتفتيته.
ويُُذكر أن المركز الذي أعمل به هو الوحيد في الأردن والشرق الأوسط الذي يقدم خدمة
تجميد أنسجة المبيض لمرضى السرطان، وهي تقنية حديثة أُُجريت حتى الآن على
ما يقارب 300 سيدات مصابات بالسرطان وهناك حالتين تم إعادة زراعة الأنسجة لهن
بعد الشفاء ونجح الأمر، حيث أظهرت استجابة إيجابية في وظائف المبيض لديهما.
وفي زمن تتسارع فيه وتيرة الطب وتزداد فيه تحديات الإنجاب، يبقى وجود خبرات
بحجم الدكتور منقذ الرواشدة بمثابة بوصلة أمل لكثير من الأزواج، ومرجعاً طبياً
وإنسانياً لا يُُقدّّر بثمن. خبرة، علم، رُُقيّّ في التعامل، وحرص دائم على تقديم الأحدث
والأدق في عالم الإخصاب والمساعدة على الإنجاب.
يضم المركز أحدث ما توصل إليه الطب الحديث من فحوصات مخبرية وتشخيصية،
إلى جانب إجراء عمليات متقدمة مثل أطفال الأنابيب، والحقن المجهري، بالإضافة
إلى استخدام تقنيات الفحص الوراثي المتخصص لبعض الأمراض الوراثية، وفحوصات
سلامة الأجنة، مما يعزز فرص النجاح ويوفر رعاية دقيقة وشاملة للمرضى.
هل يمكن القول اليوم إن العقم له علاج فعّّال في معظم الحالات؟ وما
نسبة النجاح في ظل التقنيات الحديثة؟
تُُعد تقنيات الإخصاب الحديثة وسيلة فعّّالة لعلاج العقم، وقد ساهمت بشكل كبير
في تحقيق حلم الإنجاب لدى الكثير من الأزواج. ومع ذلك، هناك بعض الحالات النادرة
جدًًا التي يصعب فيها حدوث الحمل رغم كل الإجراءات، لكنها تبقى استثناءًً.
وتتأثر نسب نجاح عمليات أطفال الأنابيب بعدة عوامل، أبرزها سبب العقم، وعمر
السيدة، وتاريخها الطبي، خاصة في حال وجود محاولات فاشلة سابقة. وتتراوح نسب
النجاح بشكل عام بين 40 % إلى 50 %، وتختلف بحسب الفئة العمرية، حيث تنخفض
النسبة مع تقدم العمر. ولهذا، يُُنصح السيدات بعدم تأجيل هذه الخطوة، إذ تكون
فرص النجاح أعلى في الأعمار الأصغر.
كيف تقيّّم تطور تقنية أطفال الأنابيب في الأردن مقارنة بالدول المتقدمة؟
وهل هناك تميّّز أردني في هذا المجال؟
الأردن تعتبر من أبرز الدول في الشرق الأوسط في مجال الإخصاب وأطفال الأنابيب،
حيث تحقق نسب حمل تضاهي المعدلات العالمية. وقد كانت من أوائل الدول في
المنطقة التي واكبت هذا التخصص مبكرًًا، إذ وُُلد أول طفل أنابيب في الأردن عام
1986 ، بفارق زمني بسيط عن أول حالة في العالم عام 1978 ، مما يعكس سرعة تبني
الأردن للتطورات العلمية.
ويتميّّز هذا القطاع في المملكة بوجود أطباء ذوي خبرة عالية وكفاءات طبية مؤهلة،
أسهمت في ترسيخ مكانة الأردن كمركز رائد في طب الإخصاب والإنجاب على مستوى
الإقليم.
“حفظ الخصوبة لمرضى السرطان: تجميد البويضات
وأنسجة المبيض ينقذ حلم الأمومة”
ما هي الخطوات التي يجب على الزوجين اتباعها للمحافظة على خصوبتهما
في ظل الضغوط الحياتية والتغيرات الصحية؟
في المقام الأول، يُُعد اتباع نمط حياة صحي شرطًًا أساسيًًا لتعزيز فرص الإنجاب. ويشمل
ذلك الابتعاد عن التدخين، والحفاظ على وزن مثالي، وممارسة الرياضة بانتظام، بالإضافة
إلى العيش بأسلوب طبيعي ومتوازن بعيدًًا عن الضغوط النفسية والاجتماعية.
“تقنيات متقدمة في الإخصاب: أطفال الأنابيب والحقن
المجهري بأعلى نسب نجاح”
فالضغط الاجتماعي، على وجه الخصوص، قد يكون له تأثير سلبي مباشر على الصحة
الإنجابية، وقد يُُسهم أحيانًًا في تأخير حدوث الحمل، مما يستدعي وعيًًا بأهمية
الاستقرار النفسي إلى جانب الرعاية الطبية.
مستشارك الطبي أينما كنت
مجلة طبية متخصصة في نشر المقالات الطبية المفيدة لصحتكم ولقاءات الحصرية مع أفضل أطباء الأردن